لطالما كانت العلاقة مع علي بن أبي طالب ولا تزال محور مهم جداً في التاريخ الاسلامي لا يمكننا التغاضي عنه. حتى لهؤلاء الذين غادروا تلك الثقافة، سواء كانت المغادرة بشكل هادئ وخجول ام بشكل نهائي وصريح. فأنا أرى أن التاريخ الاسلامي بني بالكامل على هذه الشخصية والعلاقة بها، فلو كنتَ مسلماً قريباً عاطفياً من هذه الشخصية ستكون تماماً على الطرف الاخر من المسلم الذي يتعامل مع علي على أنه صحابي لنبي الاسلام. تلك العلاقة صنعت جوانب التاريخ الاسلامي بعد رحيل نبي الاسلام، فلو كنت من شيعته فأنت في جانب المعارضة لاغلب الحكومات الاسلامية السنية، والعكس بالعكس كما هو لا يخفى على أحد. فالشيعي يرى أن أبا بكر وعمر إغتصبا الخلافة من علي من بعد رحيل نبيهم، وبالتالي كانوا هم أول من أسس الحروب الداخلية في التاريخ الاسلامي.
المسلم السني لا يعطي تلك الهالة الكبيرة لعلي، فعلي لا يعدو ان يكون صحابياً جليلاً، حتى ان بعض الصحابة يفوقوه فضلاً كالشيخين مثلاً. اما عند المسلم الشيعي فعلي احيط بهالة من القدسية قد لا تعلوها اي هالةٍ اخرى، بل ان علاقتهم العاطفية به تفوق علاقتهم العاطفية بمحمد نفسه.
فعلي والعلاقة معه خلقت طابعاً شيزوفرينياً للشخصية الشيعية بالذات بل وللتاريخ الاسلامي بشكل عام. فمن تعلق به وبعائلته صورَه على هيئة الالهة الاغريقية القديمة، من القوة والعظمة والحكمة. فعلي الشيعي يخلع باب حصنٍ لا يستطيع تحريكه مالا يقل عن اربعين رجلاً. وعلي الشيعي يرد اليد المقطوعة الى مكانها لتعود كما كانت. وعلي الشيعي يكلم الحيوانات ويشفي المرضى ويحي الموتى، الخ من الخرافات التي لا تنته. وقراء التراث الشيعي يتفقون معي في ذلك. أما الصورة الثانية أو الشخصية الثانية التي يرسمها المؤرخ الاسلامي السني، فهي لاتعدو أن تصفه بأنه كان رجلاً من الصالحين له ماله وعليه ما عليه.
وببساطة فعلي الشيعي أهم وأعلى وأخطر بكثير من علي السني، فحتى المغادرين للاسلام رغم أن طرق المغادرة للاسلام عادة مختلفة ومتنوعة وشخصية في الغالب، ولكن العلاقة بعلي كانت مؤثرة في كثير منها. فالمسلم ذو الخلفية السنية لن يجد الكثير من الصعوبة ليقطع علاقته بدينه (بالنظر للعلاقات مع شخوص التاريخ الاسلامي) كما يجدها الشيعي، وكل ذلك بسبب علي الشيعي. ودعوني أسترسل هنا بعض الشئ لأبين رأيي بصورة أكثر وضوحاً، فمن ترك الدين الاسلامي من السنة، سيواجه فكرياً مشاكل الحديث، ومشاكل شخصية نبي الاسلام، ومن ثم يصل لمواجهة مشاكل كتاب المسلمين المقدس، لينتهي بمواجهة المشاكل العقائدية الفلسفية. سيناقش وسيجادل الكثير، وسيخاف ويقلق في أحيانٍ كثيرة، ولكنه سيصل بالنتيجة الى مطارحة عقلانية تهئ له الطريق لترك ذلك الدين. أما الشيعي فيضاف على كل الخطوات التي خاضها السني، العلاقة العاطفية اللاعقلانية مع علي. والتي لايمكنك تفسيرها بشكل واضح، فهي علاقة مرضية غير عاقلة، تقرب كثيراً بصورها من صور التصوف الملئ بالخرافات و(التحشيش). لذا يعاني الشيعي الكثير قبل أن يستطيع الوصول الى عقلنة تلك العلاقة.
ولكن من هو علي؟ وللاجابة على ذلك لابد لي من مقدمة مختصرة للغاية.
ركز مؤسس الاسلام دائماً ومن بعده كل خلفائه على محق الهوية الوطنية والحضارية لكل البلدان اللاتي قاموا باحتلالها، واثبتوا انهم لا يثقون بأهل تلك البلدان مطلقاً. فأختار علي “القريشي” العراق ليكون عاصمته، واختار الامويون القريشيون الشام، ونُصب عمرو بن العاص القريشي حاكماً لمصر وموسى بن نصير اللخمي حاكماً على الامازيغ. وعلى كل حال فالاسلام يقول ان اكرمكم عند الله اتقاكم، لذا لا افضلية لاهل الارض.
وهنا تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة محق الهوية الحضارية، وقد مارسها علي الشيعي افضل بكثير من علي السني. فعلي الشيعي يصف اهل العراق بالشقاق والنفاق، ولكنه يعود ليحتمي بهم!!
وعلي الشيعي يصفهم بالحمقى ويلعنهم ولكنه يضحي بابنائهم للحفاظ على ملكه!!!
وعلي الشيعي وصفهم بالمرأة ولكنه يؤسس قواعد الحكم الشيعي بين ظهرانيهم!!!!!
هذا هو علي الشيعي، يستمر بمحق الهوية الحضارية والوطنية، وفي نفس الوقت يستمر بإمتصاص دماء أهل تلك البلدان، حتى أوصل العراقيين الشيعة الى اخطر منزلق. فهم مستعدون ان يزغردوا لمن يقتل اخوتهم طالما انه يرتدي عمامة علي الشيعي. وعلى كل حال فعلي الشيعي لم يحب العراق ولا أهله. واستمر هذا النهج من خلال أولاده، فأبنه الاكبر وصفهم بقتلة ابيه!!! وأبنه الاخر جاء حالماً ان يخوض بهم صراعات جديدة ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل…
واستمرت لعنات علي الشيعي تطارد اولاد سومر حتى يومنا هذا. نعم يا سادة علي الشيعي أخطر بكثير من علي السني.