كأي اطروحة جديدة تنوي ادعاء توجيه الانقاذ للاخرين، لابدّ لها من هواة و أنصار. وأفضل الانصار هم عادة المستضعفون، الفقراء والمعدمون والعبيد. فحينما تخبرهم بأنك المنقذ من السماء لتحررهم
من الذل والمهانة والفقر والاستعباد ستكون بالنسبة لهم الأمل الذي لطالما حلموا به طوال احلام يقظتهم ونومهم. فقال لهم أن الناس سواسية كأسنان المشط، وأنهم يولودون أحراراً، وبدأ يشتري العبيد، من أموال زوجته وبعض أصحابه الاغنياء، فيعتقهم، ليصنع منهم نواة الدعوة الاولى، والجيش الولائي الاول له.
ثم تسري الامور باتجاه تقدم ذلك “المنقذ” ونجاحه العسكري والميداني على خصومه في مكة. فتتغير الاوصاف وتتغير الاولوليات، ويبدأ المنقذ بالاهتمام ببناء الدولة “اقتصاديا” وعسكريا وسياسيا. فقد كان مشغولاً جداً بمصاهرة ونكاح أكبر عدد ممكن من النساء لصنع التحالفات السياسية التي يحتاج اليها. ولكي يحسن صناعة هذه التحالفات كان مضطراً لأن يطوف على نساءه التسع ومملوكاته الاربع الواحدة تلو الاخرى في كل ليلة. فقد كانت قوته الجنسية تعدل سبعين أو يمكن أربعين من الرجال. وكان أمسكهم لإربه، فهو يستطيع السيطرة على شهوته بشكل مرعب، لذا كان يستطيع أن يطيل الجنس الذي يمتع من خلاله أمهات المؤمنين ليعدن فرحانات وسعيدات الى اهاليهن، وليستمر ذلك الحلف السياسي القوي.
في خضم كل هذه المشغوليات “الجسام” لهذا المنقذ “المسكين”، نسي، و ربما تناسى، اولوية الغاء مبدأ الرق وإرساء مبدأ المساواة. حتى أدركه الموت وهو حائر بين ان يموت في احضان زوجته او في احضان ابن عمه. وبين ان يعلن لهم ما لن يضلوا به من بعده ويتركوه وهو يهجر.
ضاع العبيد والفقراء وسط انشغال المنقذ السماوي في زواجاته المتكررة وكيف يطوف على زوجاته
التسع كلهن في ليلة واحدة، وبين ان يعلّم تابعيه كيف ينظرون الى النساء أو ان يأتوها من الدبر
او من الفرج، وكيف يقطعون ارجل وايدي المفسدين من خلاف.
ضاعت المساواة وتحول العبد والامة الى ارث مملوك لن يتحرر حتى يحن عليه مولاه او ان يرمي
نفسه في غياهب الموت فينتظره الاله السماوي الرحيم ليخبره انك انتحرت وعليك الذهاب الى
جحيمي المستعر لانك يأست من رحمتي. ولو حاول الهرب من هذا الاضطهاد والامتهان فهو عبد
آبق ولمولاه كل الدعم السماوي لينتقم من هذا العبد الابق الذي نسي كل افضال سيده حين كان
يعطيه لقمة يتقوت بها او اناءً قذراً ليأكل منه قرب البهائم بعيداً عن مولاه.
هذه مأساة العبيد والاماء التي نسي الاله ان يحلها قبل ممات المنقذ الذي ارسله بالحق والعدل
والاحسان. ليبقوا يباعوا عرايا بين الناس. وليبق الاسلام بوجهين وتشريعين ودينين، واحد للسادة الاحرار واخر للعبيد. وليبق عمر بن الخطاب يضرب تلك الجارية على رأسها لانها ارادت أن تغطي جسدها، صارخاً عليها بأنها لايمكنها التشبه بالفاضلات الاحرار من السيدات.
للنظر فقط للمستقبل قريبه وبعيده فما حدث في الماضي سيحدث من جديد، وما فعلته أنت بخصومك من إستعباد وإذلال ومهانة، سيعيده أحفادك مرة أخرى. ولكننا هذه المرة سنفضحهم ونفضحك معهم.