تنبيه: هذا المقال ليس مقالاً لمناقشة خرافات او نظريات دينية. هذا المقال سياسي بتميز. فأنا لست هنا لمناقشة خرافة او علمية امتداد عمر انسان لأكثر من 1200 عام. ولست هنا لاناظر بين اطروحة اسلامية واخرى لاقول ان امتداد العمر ممكن لأن نوح ولقمان ويسوع عاشوا طويا او لان كبش اسماعيل كان هو هو كبش هابيل الذي تقبله الله حينما قدمه قرباناً، وبالتالي فلا مشكلة من امتداد عمر امام معصوم لاكثر من 12 قرناً.
ولكن اصل النظرية الشيعية الاثنا عشرية والقائمة على غيبة معصومهم الثاني عشر قد تم حرقها بالكامل في ظل وجود نظرية ولاية الفقيه.
دعونا نقوم بمقارنة بسيطة بين الاثنين وسترون أن ما قدمته لكم أعلاه يحوي الكثير من الدقة.
الامام المعصوم عند الشيعة يتمتع بما يلي:
اولاً: السلطة التشريعية … (الولاية التشريعية بحسب الوصف العقائدي) … وهي القدرة على التصرف في أمور تتعلّق بعالم التشريع والقانون كالحلال والحرام، والواجب والمباح، والأحكام في الصحة والبطلان ونحو ذلك. وباختصار ثبوت حق التشريع والجعل. ويستدلون من كتابهم المقدس على سبيل المثال بجملٍ عديدة منها “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ” (المائدة:55) وهنا تتوحد الولاية بين الاله والرسول والامام على المسلمين.
ثانياً: السلطة التكوينية … (الولاية التكوينية بحسب الوصف العقائدي) …وهي القدرة على خرق نواميس الطبيعة والتسلط على الظواهر الكونية. ومن استدلالاتهم من كتابهم المقدس على سبيل المثال ما جاء في (النمل:40) حيث يقول “وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك” وما ورد في (ص:36) “فسخرنا له الريح تجري بأمره” ثم يسوقون الروايات العديدة لاثبات ما يسمى بالمعجزات او الكرامات عن نبيهم وائمتهم.
الان دعونا نتساءل، هل يا ترى يتوفر هذان الشرطان في الولي الفقيه عند الشيعة؟ هل له اصدار احكام فقهية جديدة حتى لو كانت خلاف القران والسنة والاجماع؟! نعم يا سادة للولي الفقيه ذلك بحسب “مايراه” هو من مصلحة الاسلام والمسلمين.
هل له ان يشرع حلية شئ محرم او يحرم شيئاً محلاً ؟! نعم يا سادة له ذلك! وهو من المشمولين بعموم نصهم القراني القائل: اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم.
بل اكثر من ذلك…فهل له ان يحكم في الامور الحياتية العامة؟ بكل تأكيد. فالنبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. وولي الشيعة وامامهم له كل سلطات ذلك النبي.
هل له ان يطلق الزوجة من زوجها بحسب ما تقتضي رؤية الولي؟! نعم ياسادة له ذلك. وقس على ذلك.
اما في الولاية التكوينية… فهل يمتلك الولي الفقيه الولاية التكوينية؟
نعم يا سادة يمتلك الولي الفقيه تلك السلطة الخرافية والتي تعزي الكثير من الظواهر الطبيعية الى كونها خوارق لتخدم مصلحة الاطروحة تلك. وكما حدث ذلك في حادثة صحراء طبس عام 1980. ومحاولة تجنيدها على انها معجزة ربانية لحماية الخميني والثورة الاسامية الشيعية في ايران وان تلك الحادثة لم تكن سوى معجزة حدثت ببركات الامام. وغيرها من المعاجز الخارقة التي يوهمون انفسهم بها. ولاية الفقيه يا سادة تعني وبكل وضوح “الولاية المطلقة” و “الولاية العامة” … وهذه العبارة يفهمها فقهاء الشيعة بشكل جيد.
في ظل ما تقدم ما حاجة الشيعة الان لامام غائب لايملك اي سلطة فعلية عليهم؟! بالمقارنة مع امام فعلي يمتلك كل ماهو مطلوب ليكون ظلاً لله على الارض؟
كنا ننظر للاثنا عشرية على انه مذهب ينتظر ظهور امامه ليقيم ما يسمى “بحدود الله”. وحينها سيقتلون القاتل ويقطعون يد السارق ويرمون المثليين من شاهق ويجبرون النصارى واليهود على دفع الجزية وهم صاغرون. بل إن بعض مراجعهم كان يرى ان الحدود معطلة في عصر الغيبة، وانهم لا يمكنهم إقامة صلاة الجمعة حتى يتوفر الامام العادل وهو بحسب ما يؤمنون (الامام الغائب). لذا فهم يصنفون مذهبهم بأنه مذهب مسالم. وأن الشيعة هم أناس مضطهدون مستضعفون.
ولكن ياسادة التجربة اثبتت عكس ذلك. بل واثبتت صحة مقولة ان “الملك عقيم” فأوامر الولاية اصبحت بديل للقانون وللدولة وهاهو العراق خير برهان على ذلك لتر ان الشيعة فيه قد تحولوا من مرحلة الاضطهاد والاستضعاف والتقية الى مرحلة الطغيان والدكتاتورية وان لم تستحِ فأصنع ما شئت. وان اي منازعة لهم على السلطة سيكون حالها حال الشهيد المغدور سامر الموسوي. الذي قتل فقط لانه انتقد تصرفات الميليشيات الشيعية وطالب بدولة علمانية في بلده. ولن ابالغ ان قلت ان الميليشيات الشيعية قد قتلت وهددت وهجرت الالاف مثل سامر. فرجال الدين الشيعة ياسادة انتقلوا من مرحلة الانتظار الى مرحلة الفعل … واي فعل!!! انه فعل خسيس غادر وجبان لايدل الا على هشاشتهم وخوفهم ورعبهم من شباب لاتملك في يدها سوى حب الوطن والحرية الفكرية وطفرة اخلاقية عن مستوى الافعال الدنيئة التي تقوم بها الميليشيات ورجال الدين.
نفس تلك الاجراءات مارستها السلطات الايرانية على يد امامها الخميني حينما ملكوا زمام الامور في ايران وقاموا بتصفية خصومهم ومعارضيهم… من خلال الاغتياات والتهجير وانتهاك حريات الشعب الايراني. فقد كانت قوات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر “وما اشبه ذلك بالسعودية وطالبان”. كانت تلك القوات تلف شوارع المدن للبحث عن سيدة تخرج جزءً من ساقها فيقومون بسحق كرامتها وتجريح رجلها وادماءها بالزجاج المكسر.
فالشيعة ومنذ انتصار الخميني ليسوا أكثر من جياع للحكم، ولا معنى لانتظار هاء الغائب لتحل أزماتهم بوجود الولي الفقيه ذو الصلاحيات المطلقة. وسيبقون يبنون كل شئ حولهم على أساس المؤامرة والخيانة والتكفير، وسيخوضون الحرب تلو الاخرى، حتى يتمكنوا من بسط نفوذهم على كل ما يستطيعون. وسنرى الاف مثل سامر الموسوي، وستتكرر المظاهرة تلو الاخرى ضدهم وسيجدون تبريراً شرعياً ومقدساً لاجرامهم دائماً.
هذه تصرفات ولاية الفقيه ياسادة في ايران وفي العراق. فهم لا يقومون الا بتنفيذ شرع الله. فلا معنى للاحكام الشرعية بوجود الولي الفقيه. ولا معنى للنظرية بوجود “من يستطيع ابتكار اي حكم بحسب وجهة نظره المقدسة” فولاية الفقيه عند الشيعة لاتعني الا اصدار شهادة وفاة رسمية لامامهم الثاني عشر…
فلامعنى يا سادة لانتظار الاموات.